من أكبر خيبات الأمل أن تخطط درساً لساعات طويلة ثم تكتشف أن تخطيطك غير مجدٍ على أرض الواقع. والأسوأ من ذلك هو الشعور بالحيرة أو الضياع لأنك لا تعرف السبب…
لقد مررت بهذه التجربة مرات كثيرة.
في سنواتي الأولى، كنت أقضي وقتاً طويلاً في تصميم الخطط والشكوك تراودني…
هل ستنجح خطتي؟
ماذا لو فشلت الخطة؟
كيف لي أن أعرف الأسباب؟
كنت أفتقر إلى معايير تساعدني في تقييم الخطة قبل التنفيذ.
لم أكن أعرف إلا النصائح الشائعة مثل اجعل الدرس ممتعاً، اربطه بحياة الطلاب، اشرح لمدة ١٠ دقائق فقط. وبالرغم من فائدتها إلا أنها لم تكن كافية لمعالجة التحديات التي أواجهها باستمرار.
طلابي لا يتعلمون … وأضطر لتكرار الشرح مرات عديدة. طلابي يملون … وأضطر لبذل جهد مضاعف في التحفيز.
بعد البحث والتجارب، توصلت إلى سؤالين أساسيين يساعداني على تقييم الخطة واكتشاف المشاكل قبل التنفيذ، وهما ما سأشاركك إياه مع الأمثلة.
لننطلق
بدايةً، يمكننا تصور الخطة على أنها تسلسل من الأنشطة الصفية. على السبيل المثال:
دخول المعلم > تمهيد > شرح > طرح أسئلة > حل أوراق عمل > مناقشة > تلخيص وختام.
تقييم الخطة هو تقييم هذه الأنشطة، وذلك عن طريق السؤالين التاليين:
١) في ماذا سيفكر طلابي أثناء النشاط؟
٢) هل سيفكر جميع طلابي أثناء النشاط؟
دعنا نفصل كل منها على حدة.
في ماذا سيفكر طلابي أثناء النشاط؟
لماذا هذا السؤال مهم؟
لأن ما يفكر فيه الطالب هو ما يتعلمه.
لذلك حاول أن تتصور تأثير النشاط على طلابك. هل سيدفعهم في التفكير فيما أردت لهم أن يتعلموه أم لا. حاول أن تتصور العملية من وجهة نظرهم، لا من وجهة نظرك.
مثال لاكتشاف المشكلة قبل التنفيذ (دمج التقنية)
لنفرض أن معلماً أراد تعليم طلابه استعمالات القطوع المخروطية في حياتنا.
لكنه لم يلجأ للأسلوب التقليدي في الشرح، بل أراد دمج التقنية وتنمية الإبداع.
لذلك خطط لتكليف طلابه بـتصميم عروض الـ Powerpoint باستخدام الأجهزة في معمل المدرسة.
تصوُّر المعلم لخطته هو أن الطلاب سيقرؤون عن القطوع في الانترنت ثم يصممون بعض الشرائح لمشاركة ما تعلموه.
الآن لنتصور هذه العملية من وجهة نظر الطلاب.
ما الذي سيفكرون فيه؟
هل سيفكرون في القطوع واستخداماتها؟ أم في التصميم وخياراته اللامتناهية؟
اختيار الخط
اختيار الألوان
اختيار الصور
العبث في خصائص التطبيق
التصميم أكثر متعة (بالنسبة للطلاب) لذلك سيقضون وقتاً قصيراً في البحث عن المعلومات وسيستغلون معظم الوقت في التصميم.
النتيجة: سيتعلمون الكثير عن التصميم، والقليل عن القطوع.
لذلك دائما اسأل نفسك…
في ماذا سيفكر طلابي أثناء النشاط لتتأكد أنهم يفكرون في ما تريد تعليمه.
هل سيفكر جميع طلابي أثناء النشاط؟
لماذا هذا السؤال مهم؟
لأننا نريد تعليم جميع الطلاب.
من خلال السؤال الأول تصورنا ما يفكر فيه الطلاب. الآن سنتصور نسبة الطلاب الذين سيفكرون. هل أنشطتنا تلزمهم بالتفكير؟ أم أنها مجرد فرصة للتفاعل؟
مثال على اكتشاف المشكلة قبل التنفيذ (المشاركة التطوعية)
لنفرض أن معلماً خطط لنشاط طرح سلسلة من الأسئلة بعد انتهائه من الدرس، وتصور الفقرة كالتالي:
المعلم: من يعرف إجابة هذا السؤال
يرفع البعض أيديهم > يختار المعلم أحد الطلاب > يجيب الطالب.
المعلم: ممتاز، من يعرف إجابة هذا السؤال
يرفع البعض أيديهم > يختار المعلم أحد الطلاب > يجيب الطالب.
وهكذا.
الآن لنتصور نسبة الطلاب الذين سيفكرون.
هل ستكون النسبة عالية؟
أم أن الكثير سيختار الراحة؟
خصوصاً في مرحلة المتوسط والثانوي…
إذا اختار كثير من الطلاب الراحة، ذلك يعني أن من يستفيد خلال فقرة طرح الأسئلة هم القلة المتطوعة فقط.
لذلك دائما اسأل نفسك…
هل سيفكر الجميع أثناء النشاط لتتأكد من استخدامك الطرق المناسبة لدفع الطلاب للتفاعل.
وصلنا للنهاية.
عالم تخطيط الدروس واسع.
ما شاركتك إياه من المعايير ليس إلا البداية.
أنت تمتلك الآن سؤالين من خلالها تقيم خطة تدريسك.
آمل أن ينفعانك وأن يعطيانك انطلاقة كبير في التدريس.
أراك الأسبوع القادم