قسم الطلاب إلى مجموعات
ضع في كل مجموعة طالب متمكن
كلفهم بحل عدد من المسائل المختلفة
استمتعت بمشاهدة كمية التفاعل والحماس
ربما سمعت مثل هذه العبارات.
في السنوات الأخيرة، انتشر نهج في التعليم يحث على استخدام استراتيجيات يطلق عليها التعلم التعاوني. أحد أهداف هذا النهج هو تفعيل دور الطلاب كمساعدين لبعضهم البعض في تعلم الدروس.
هدف جميل. ومخادع.
دعني أبين لك قصدي.
في بدايتي كمعلم كنت مؤمناً بفكرة التعلم التعاوني لدرجة أني في بعض الأحيان أقدم رأي الطالب على رأي المعلم، مثلاً عندما يسألني أحد طلابي عن فكرة أكلفه بالبحث عن الإجابة في أحد مجموعات الصف بدلاً من إجابة سؤاله.
حرفياً، أقول له أن يقوم من مكانه ليسأل زملاءه.
حركة في الصف، هذا يساعد ذاك وذاك يسأل هذا.
كنت أشعر بالانتعاش والسعادة عندما أنظر للطلاب وأراهم منشغلون.
الانشغال = تفاعل (أليس كذالك؟)
في الواقع: عندما نفحص هذا ”التفاعل“ نجد أنه قد يعرقل عملية التعلم بأكثر من طريقة. وما أريده لك هو أن تدرك هذه الطرق حتى تتمكن من تطبيق التعلم التعاوني دون عرقلة تعلم الطلاب.
دعنا نبدأ.
المشكلة الأساسية
عندما تقرأ عن استراتيجيات التعلم التعاوني، تجد تسليطاً للأضواء على فكرة التعلم النشط وتفعيل دور المتعلمين في الحصة. ما لا تجده هو تقييم حقيقي لواقع الطلاب.
هل الطلاب يساعدون بعضهم في الواقع؟
أنا مؤمن بأن أغلب الطلاب نواياهم حسنة لكنهم يفتقدون لمهارات التدريس وبالتالي يقعون في أخطاء عند محاولة تقديم المساعدة.
كما تعرف، التدريس ليس فقط معرفة موضوع الدرس.
التدريس يتطلب تقسيم الشرح لخطوات صغيرة ومراقبة استجابة المتعلم، كما أنه يتطلب صبراً كبيراً وثباتاً عاطفياً عندما يخطئ المتعلم. أغلب المتعلمين يفتقرون لهذه المتطلبات (بطبيعة الحال). لهذا السبب تكون محاولاتهم في تقديم المساعدة معيقة للتعلم.
إليك الآن ٣ مشاكل قد تواجهها عند تكليف أحد الطلاب بمساعدة زملائه.
١) كذا أسرع أستاذ
في أحد الحصص كلفت طلابي بحل مجموعة من المسائل ليتدربوا للاختبار.
عمل فردي. بيئة هادئة. الكل يتدرب وأنا أقدم المساعدة لمن يحتاج.
أمجد طالب مجتهد يحب التحدي انتهى من الحل في وقت قصير وحصل على درجة عالية. من حماسه، طلبه مني السماح له بمساعدة زملاءه. سمحت له.
بعد مدة نظرت في اتجاه أمجد فوجدته ممسكاً بالآلة الحاسبة.
”أمجد، ليش أنت اللي ماسك الحاسبة ومو زميلك؟“
”كذا أسرع أستاذ“
أمجد من حماسه كان يفترس المسائل عن زميله، وبالطبع زميله مبسوط لأنه سينتهي من الحل بسرعة!
هذه أحد المشاكل التي تقع عند تكليف طالب بمساعدة زميله، فكثير من الطلاب لا يعرف أن الغاية من حل المسائل هو التدرب وليس الحل لمجرد الحل.
٢) ما كنت أدري
في موقف مشابه لما حدث مع أمجد، أيمن طلب مني السماح له بتقديم المساعدة.
أيمن متمكن من مادة الرياضيات، عادة ما يحصل على الدرجة الكاملة.
سمحت له.
بعد فترة تفاجأت بوجود خطأ شائع بين الطلاب، فبدأت التحري.
”لماذا اخترت هذه الإجابة؟“
”لأن عشرة أس صفر تساوي صفر“
”من أين لك هذه الفكرة؟“
”أيمن قال أي شيء أس صفر يساوي صفر“
استدعيت أيمن وسألته واكتشفت أنه حقاً قال هذا الكلام—إلى أكثر من شخص.
قد يظن البعض أن هذه المشكلة عادي، لكنها ليست كذلك.
تصحيح الأخطاء أصعب من تعليم فكرة جديدة. التصحيح يتطلب إزالة فكرة وزرع أخرى مكانها وهذا يتطلب مجهود إضافي عليك كمعلم—وإلا سيتشتت البعض بين الفكرتين.
كل ذلك على فرض أني اكتشفت خطأ الطالب في التعليم … والذي هو ليس بالأمر السهل.
نشر الأخطاء هو أحد المشاكل التي يجب أن تحترز منها.
٣) خليه عشان يفهم
في أحد المرات كنت أستمع لتعليمات طالب لزميله.
”هذه المسألة نسوي كذا، بس إذا صار كذا نسوي كذا. شوف هي الفكرة تعتمد على حاجة وحدة. انت عليك تنتبه للإشارة. ما عليك وش الرقم اللي موجود. إذا انتبهت للإشارة طبق القاعدة وخلاص“
هكذا الشرح، قرقرقرقرقرقرقرقرقر.
هنا تدخلت محاولاً إرشاد الطالب للطريقة الصحيحة في التعليم.
”ما شاء الله عليك، أنت فاهم. ولما تشرح، أريدك تعلم زميلك خطوة بخطوة“
”لا استاذ، خليه كذا عشان يفهم“
ابتسمت واستوعبت أني أكلف الطالب بما لا يقدر على تنفيذه الآن—كلامي له عندما قلت ”خطوة بخطوة“ ليس مفهوماً بعد بالنسبة له. بطبيعة الحال. هو متعلم. شرحه المفصل ما هو إلا تدريباً لنفسه لا ينفع زميله.
إعطاء معلومات كثيرة غير منظمة هو أحد المشاكل التي يقع فيها الطلاب عند تقديم مساعدات لزملائهم.
وصلنا إلى النهاية
دعم الطلاب بعضهم البعض فكرة نبيلة، لكن واقعها محفوف بالتحديات.
شاركتك ٣ من التحديات التي واجهتني. آمل أن تتجنب الوقوع فيها وأن تصنع بيئة صفية تعاونية فعالة.
أراك الأسبوع القادم