يتميز المعلم البارع عن المبتدئ بقدرته على التعامل مع الإجابات الخاطئة، فالمعلم البارع ينسجها في مسرى الدرس لتكون فرص تعلم للجميع، بينما يقف المعلم المبتدئ حائرا أمام إجابة الطالب المسكين الخاطئة.
أنا كنت ذلك المعلم الحائر إلى أن وقع بين يداي الكتاب العظيم Teach Like A Champion
في نشرة هذا الأسبوع سأعطيك ملخصا من هذا الكتاب عن آلية لتحويل أخطاء الطلاب إلى فرص تعلم، وتحول الحيرة إلى ثقة وطلاقة وسيطرة.
هل أنت مستعد؟
في البداية سأحكي لك قصتي.
التشجيع المحرج
ذات مرة سألت طالبا لأتأكد من فهمه كما هو معتاد في التدريس، وهكذا سارت الأحداث:
طرحت السؤال
خمن الطالب إجابة خاطئة
شكرا لأنك حاولت، لكن حاول مرة ثانية
ابتسم الطالب، سكت قليلا، ثم قدم إجابة أخرى أيضا خاطئة. هنا احترت، هل أعطيه فرصة ثالثة؟ أم أحول السؤال لشخص آخر؟
بتردد طفيف، قررت الصمود.
ما يخالف، أنا متأكد انك تقدر
تحول الوضح إلى صمت مزعج.
وبدأت استشعار إشارات التوتر من الطالب المسكين وإشارات الضجر من زملائه الذين اختلطت مشاعرهم بين التعاطف والاستياء.
ما الحل؟ كيف أتفادى التعثر في مثل هذه المواقف؟
وصف المشكلة
ما كنت أفتقده في القصة السابقة هو آلية للتعامل مع الإجابة الخاطئة، آلية تساعدني على إتخاذ القرار بسرعة البرق دون الحاجة للتفكير الطويل.
لماذا السرعة؟ لأن أحداث الصف الدراسي سريعة جدا ففي لحظة واحدة أنت تقيّم صحة الإجابة، ثم تحدد الإجراء اللازم، وتختار الكلمات والوقفة وتعابير الوجه المناسبة لتنفيذ هذا الإجراء. أضف لذلك مراقبتك لـ٢٠ طالب (أو أكثر!)
أنت تعيش هذه العمليات الذهنية لحظة بلحظة.
إذن ليس من الغريب أن تتعثر، بل الغريب ألا تتعثر.
لماذا يستطيع بعض المعلمين التعامل مع هذه المواقف بسلاسة بينما يعجز آخرون؟
بسبب تطويرهم لعادات، أو ما أسميه آلية، للتعامل مع الإجابات الخاطئة.
آلية تحويل الأخطاء إلى فرص تعلم
الآلية التي سنتحدث عنها هي واحدة من الـ٦٣ قاعدة المذكورة في كتاب Teach Like a Champion. اسم هذه القاعدة هو No Opt-Out والتي تعني “لا مجال للهروب”.
بشكل مختصر، فكرة القاعدة هي إعادة توجيه السؤال لشخص آخر ثم العودة للطالب الذي أخطأ. لكن سر فعالية هذه الطريقة يكمن في كونها منظمة على ٣ خطوات: التقدير، المساعدة، العودة.
- التقدير هي الكلمات التي ستُعلق بها على إجابة الطالب
- المساعدة هي الحصول على معلومات يحتاجها الطالب لكي يقدم إجابة صحيحة
- العودة هي الرجوع للطالب المخطئ لكي يصحح إجابته
سنفصل كل خطوة على حدة لتتعرف على الهدف منها وطريقة تطبيقها، وفي الأخير سنضمها في طريقة واحدة تساعدك على تحويل الأخطاء إلى فرص تعلم.
بسم الله نبدأ
١) التقدير
الهدف من التقدير هو تخفيف شعور التوتر الذي يصاحب التحدث أمام المعلم والأقران، بالإضافة إلى توجيه رسالة للطلاب بأن الغرض من الأسئلة الصفية هو التعلم.
كيف نقوم بذلك؟ بكلمة شكر + قول الصدق
- إجابة خاطئة = شكرا لمحاولتك، لكن إجابتك خاطئة.
- إجابة نصف صحيحة = أحسنت، لكن إجابتك ناقصة.
الشكر يبين للجميع أنك تقدر جهودهم وهذا يخفف التوتر، بينما الصدق يشدهم للتركيز على تعلم الإجابة الصحيحة.
٢) المساعدة
الهدف من المساعدة هو تعزيز ثقافة التعاون بين الطلاب بالإضافة لتغيير سلوكهم تجاه الأخطاء الصفية.
كيف نقوم بذلك؟
عندما يخطئ طالب، سنطلب من آخر أن يقدم معلومة مساعدة لكي يستطيع الطالب الأول تصحيح إجابته. وهذه العملية لها عدة أشكال:
- إجابة: ”من يستطيع أن يعطينا تعريف الشكل الرباعي“
- تلميح: ”من يستطيع أن يعطي فلانا مثالا على الشكل الرباعي“
الدقة في صياغة طلب المساعدة مهمة، فأنت لا تبحث عن الإجابة الصحيحة فقط بل تبحث عن من يستطيع تقديم المساعدة لزميله.
٣) العودة
الهدف من العودة هو إشعار الجميع بأنه لا مجال للهرب، بل يجب على الجميع معرفة إجابة السؤال.
كيف نقوم بذلك؟
بعد الحصول على الإجابة الصحيحة سنطرح أحد الأسئلة التالية على الطالب الذي أخطأ
- ”فلان ما الفرق بين إجابتك والإجابة الصحيحة“
- ”لماذا كانت إجابتك خاطئة“
بإمكانك أيضا أن تعمق الفهم:
- ”بعد سماعك للتعريف، ارسم شكلا رباعيا على ورقة“
- ”هل باستطاعتك تعريف الشكل الخماسي؟“
تطبيق جميع الخطوات معا
لتكون طريقة No Opt-Out آلية (تنفذها بشكل آلي، تقوم بها كعادة) لابد من ممارسة خطواتها عدة مرات وفي مواقف مختلفة، ولابد أن يعتاد طلابك عليها.
بإمكانك تسريع هذه العملية بتنفيذ تجربة افتراضية مع الطلاب.
اشرح الفكرة بشكل عام
حدد طالب يتعمد الخطأ
حدد طالب يصحح الخطأ
ثم طبق الطريقة مع الطلاب
مرة، مرتان، ثلاث، …
بعدما تصبح هذه الطريقة عادة لك ولطلابك، ستتخلص من المواقف المزعجة الناتجة من إجابة خاطئة، بل ستتحول هذه المواقف لفرص ثمينة يستفيد منها الجميع.
باي باي للتعثر بسبب أخطاء الطلاب – أراك الأسبوع القادم