كيف أرفع دافعية الطلاب؟

كلنا ندرك أن تعليم طلاب فاقدين لدافع التعلم صعب.

تشتت مستمر
بطء استجابة
سرعة نسيان

كثير منا يحاول علاج هذه المشكلة، بعضنا بالترهيب، بعضنا بالتحبيب. وكل هذه الأساليب لها أثرها، ولها من يحترفها. ومع ذلك، لا تزال هنالك فجوة في دافعية الطلاب.

هل المشكلة في جيل اليوم؟

أعتقد أن التفكير في مسألة الدافعية على أنها مشكلة زمانية لا يعود عليك بأي منفعة،وموضوع هذا الأسبوع هو طرح زاوية أخرى للنظر في مسألة الدافعية.

البشر لا يحبون التفكير

في مقدمة كتابه ”لماذا لا يحب التلاميذ المدرسة“، يقول الباحث دانيال ويلينقهام أن الدماغ البشري صمم ليتفادى عملية التفكير، فالتفكير مرهق ونتائجه غير صائبة بالعادة. في المقابل، استعمال الأفكار المحفوظة في الذاكرة سهل وناجح بالعادة.

الدماغ مصمم لكي يحفظ الأنماط التي تتكرر على الإنسان ومن ثم يعتمد على هذا الحفظ بدلا من التفكير لأن استخدام الأفكار المحفوظة سهل وناجح بالعادة.

مثال: تأمل في مهامك طيلة اليوم. ستلاحظ أنك تنجز الغالبية العظمى من غير تفكير. تغسل وجهك في الصباح من غير تفكير في طريقة الغسل. تتوضأ للصلاة من غير تفكير في طريقة الوضوء. لاحظ لاحظ … عندما ترتدي ملابسك، أنت لا تفكر أي يد تدخل أولا. 

الإعتماد على الحفظ ليس منحصرا في المهام الحركية. حتى حل المسائل الرياضية، التي يعتقد الناس أنها تتطلب تفكيرا عميقا، هي عملية آلية بالنسبة لرياضي خبير.

الآن إذا كان الدماغ يتفادى التفكير، كيف يمكننا أن نتعلم أشياء جديدة؟

البشر يبحون التفكير بشرط

هنا سنعرف أحد حقائق الدافعية التي ستساعدك في تصميم دروس أكثر فعالية.

نحن نعرف أن التعلم يتطلب تفكيرا. وقلنا أن التفكير مرهق وبالتالي نتفاداه بالعادة. لكن في الواقع هناك حالات تخالف هذا القول.

مثلا، ترى بعض الطلاب مندمجين في درسك، يفكرون بجهد.

لماذا يفكرون؟ ما الذي يميزهم؟

لعلك لاحظت أنهم بالعادة طلاب ناجحون.

عندما ينجح طالب في فهم فكرة (من خلال التفكير) أو حل مسألة، يشعر بالإنجاز، وهذا الشعور يعزز رغبته في التفكير أكثر.

تفكير => نجاح => إنجاز => تفكير أكثر

الآن اعكس هذه الفكرة على طالب مستواه ضعيف.

ستلاحظ أنه عندما يحاول التفكير، يفشل. التفكير لا يحقق له نجاحا.

تفكير => فشل => لا إنجاز => توقف عن التفكير

يؤكد الباحث دانيال ويلينقهام أن البشر يبحون التفكير إذا شعروا بأن للتفكير مردود (كشعور الإنجاز). بناء على ذلك، يدعو المعلمين إلى تصميم دروس تمنح الطلاب إحساسا بالإنجاز.

كيف نصمم دروس تمنح الطلاب إحساسا بالإنجاز؟ 

إليك بعض الأفكار.

١) قسم الدرس إلى فقرات صغيرة

بدلا من تصور الدرس على أنه فكرة واحدة كبيرة، قسمه لفقرات صغيرة. لماذا؟ لأن كل فقرة صغيرة هي فرصة للتفكير والاستيعاب. كونها صغيرة يرفع نسبة نجاح الطالب في الفهم. كونها كثيرة يزيد عدد نجاحات الطالب في الحصة.

مثال: في درس المبتدأ والخبر، معرفة معنى المبتدأ ومعنى الخبر فقرة. تحديد المبتدأ والخبر في الجملة فقرة. إعراب المبتدأ والخبر فقرة.

مثال: في درس جمع الكسور، معرفة معنى الجمع فقرة، معرفة جمع الكسور التي مقاماتها متساوية فقرة، معرفة توحيد المقامات بضرب المقامين في بعضهما فقرة، التعمق في توحيد المقامات (المضاعف المشترك الأصغر) فقرة. للمزيد عن تقسيم أفكار الرياضيات، اقرأ هذه النشرة.

٢) اطرح أسئلة كثيرة

الأسئلة تعزز التعلم بشكل مضاعف، لأنها من جانب تساعد الطلاب على تخزين المعلومات ومن جانب آخر ترفع دافعية الطلاب في الحصة.

كل سؤال هو محطة شحن لقدرة الطلاب على الانتباه والتفاعل، لذلك صمم محطات كثيرة في درسك. في البداية، أثناء الشرح، في الختام (تابع هذا المقال لتعرف أكثر عن فقرات الأسئلة). أيضا نوع من أساليب طرح الأسئلة. التنويع له دور في جذب الانتباه—تصور لو أن كل محطات الطريق لها نفس التصميم! (اقرأ هذه النشرة لتعرف عن أساليب طرح الأسئلة).

٣) ساعد الطلاب الذين لم يفهموا الفكرة

قلنا في بداية المقال أن التفكير مرهق ونتائجه غير صائبة بالعادة. ولأن التعلم يحتاج إلى التفكير، من الطبيعي أن يخطئ الطلاب. تعاملك مع هذه الأخطاء له دور كبير في رفع دافعيتهم.

احرص على أن تتعامل مع الأخطاء من جانبين: جانب الشعور وجانب المعرفة.

لا يحب الطالب الشعور بالعجز بين أقرانه، والخطأ في ثقافتنا عجز. لابد من معالجة هذه الفكرة داخل الصف. لابد أيضا من تصحيح الأخطاء لأن التعلم عملية تراكمية (في كل العلوم). لذلك عندما يخطئ أحد الطلاب في اجابة سؤال ما، تأكد بعد معالجة الخطأ أنه فعلا فهم الفكرة. للمزيد عن معالجة الشعور والمعرفة، اقرأ هذه النشرة.

خاتمة

الآن لو جمعنا نصائح هذه النشرة، سترى فقرات تدريس صغيرة، أسئلة كثيرة، تصحيح أخطاء. كل هذه النصائح تعمل لتزيد من احتمالية نجاح الطالب في الفهم والاستيعاب.

نجاح يدفعه للتفكير أكثر، وتفكيره أكثر يزيد من نجاحه.

رغم أن لكل جيل تحدياته الخاصة، إلا أن طبيعة البشر ثابتة. كلنا نريد الشعور بالإنجاز.

اصنع هذا الشعور في طلابك، وان شاء الله تتخلص من مشكلة الدافعية.

أراك الأسبوع القادم

متى ما أردت، أستطيع مساعدتك من خلال:

١) منهج المعلم: انضمـ/ـي لأكثر من ٦٠ معلمـ/ـة في دورتي لتدريس الرياضيات. تعلمـ/ـي مهارات لرفع دافعية الطلاب وزيادة تعلمهم، واكتسب استراتيجيات لضبط الصف وقياس الفهم

٢) استشارة سريعة (مجانا): تواصلـ/ـي معي بطرح سؤال عن التعلم والتعليم