في تاريخ ٤ فبراير، قارنت بين عملية التعلم وكيس الشاي في تغريدة حصدت كمية تفاعل أكثر من المعتاد.

خلاصة التغريدة هي أن عملية التعلم تحدث عند إدخال المعلومات في ذاكرة الطالب، وعند استرجاعها من ذاكرته.
في نشرة اليوم سأتكلم عن استرجاع المعلومات. بالتحديد سأتكلم عن صعوبة يواجهها الطالب عندما يُسأل عن مسألة متعددة الخطوات.
سنتعلم سبب الصعوبة: تحليل الغاية والوسيلة.
وسأطرح فكرة للتخلص من هذه الصعوبة: السؤال اللاهادف.
بعد قراءة هذه النشرة، سيكون بين يديك استراتيجية لزيادة تفاعل طلابك مع أسئلتك.
بسم الله نبدأ
لنفرض أن درسك السابق كان عن المعادلات، وفي حصة اليوم طرحت السؤال 👇🏻
أوجد قيمة س في المعادلة س + ٤ = ٩
سيبدأ طلابك عملية التذكر. لكن ما يتذكرونه لن يكون دقيقا وواضحا بنسبة ١٠٠٪. عدم الوضوح سيدفع الطلاب لاستخدام استراتيجية طبيعية تسمى ”تحليل الغاية والوسيلة“
تحليل الغاية والوسيلة تعني أن الطالب يعرف الشكل النهائي للحل (س = عدد) لكنه لا يتذكر طريقة الحل بشكل واضح. وبالتالي في كل خطوة يطبقها (سواء صحيحة أو خاطئة) سيتساءل: هل أنا أقترب من النتيجة النهائية؟
بهذا الشكل، تركيز الطالب ينقسم إلى مهمتين: خطوة الحل + تساؤل
وهذا الانقسام يُجهد عقل الطالب، ويقلل من قدرته على استرجاع كامل خطوات الحل. بالتالي ستقل نسبة وصوله لإجابة كاملة صحيحة (أو خاطئة). وغالبا سيخجل من مشاركة إجابة ناقصة.
مقارنة بينك وبين طلابك: أنت تعرف خطوات الحل ١٠٠٪. وتعرف كيف توصلك للنتيجة النهائية. لهذا السبب أنت لن تتساءل في كل خطوة إذا ما كنت تقترب للإجابة. فعلا، امسك قلم وورقة واكتب حل المعادلة س + ٤ = ٩. ستلاحظ أنك بالكاد تفكر في الخطوات. وإذا أردت أن تفهم شعور ”تحليل الغاية والوسيلة“ فكر في حل سؤال غير مألوف. مثلا أوجد جميع حلول ٠،٥س + ٠،٤ص = ١٠ في مجموعة الأعداد الصحيحة.
لنتذكر ما تكلمنا عنه حتى الآن، لقد تسلسلنا بهذا الشكل:
طرحنا سؤال > تذكر الطالب بعض المعلومات > واجه صعوبة بسبب تحليل الغاية والوسيلة > عجز عن استرجاع كامل المعلومات > تردد عن المشاركة
كيف نغير النتيجة من تردد عن المشاركة إلى إقدام على المشاركة؟
سنلغي تحليل الغاية والوسيلة
بدلا من: أوجد قيمة س في المعادلة س + ٤ = ٩
سنسأل: علمني أي شي تذكره عن س + ٤ = ٩
لاحظ أن ليس للسؤال الثاني جواب محدد، وبالتالي عند تذكر الطالب لمعلومة لن يسأل نفسه ”هل أنا أقترب من الإجابة الصحيحة“. وهكذا سينصب كامل تركيزه على تذكر المعلومات.
لاحظ أيضا أن فرص المشاركة تتضاعف في السؤال الثاني:
– أذكر أن س مجهول
– أذكر أن نطرح من الطرفين
– أذكر أن “هذه” اسمها معادلة
– أذكر أن المعادلة لها طرفين
كلها اجابات واردة.
إذن السؤال الذي يبدأ بـ“علمني أي شيء تعرفه عن“ يجعل كامل تركيز الطالب على التذكر ويعطيه فرص كثيرة للمشاركة.
لنسمي هذه الفكرة بـالسؤال اللاهادف.
سؤال هادف: يحث الطالب على تذكر شيء محدد (تحليل غاية ووسيلة)
سؤال لاهادف: يحث الطالب على تذكر ما يعرفه (بدون تحليل غاية ووسيلة)
حان وقت التطبيق العملي (وأعدك أني سأخبرك متى يُفضل استخدام السؤال الهادف على السؤال اللاهادف)
كيف نكتب السؤال اللاهادف
١) حدد أي سؤال تريد مراجعته مع طلابك
٢) احذف الجزئية التي تطلب هدفا محددا مثل ”أوجد قيمة“ أو ”بسط كثيرة الحدود“
٣) استخدم عبارة ”علمني أي شي تعرفه عن“

كيف نقدم السؤال اللاهادف
تطبيق أي فكرة جديدة داخل الصف عادة ما يصاحبها مقاومة وتردد من جهة الطالب. لكن الجميل في فكرة السؤال اللاهادف هو سهولة تطبيقها.
كل ما عليك فعله هو أن تعطي مثالا على طريقة الجواب.
مثلا، بعد سؤالك ”علمني أي شي تعرفه عن س + ٤ = ٩“ انتظر ثوانٍ، وإذا لم يستوعب طلابك السؤال، قل لهم: ”راح أنا ابدأ بشيء أعرفه عن س + ٤ = ٩، مثلا السين عبارة عن عدد ونسميه مجهول“
عادة بعد مثال واحد تزداد ثقة الطلاب بأنفسهم وترتفع أيديهم.**
وهاك بعض التفاصيل لإدارة السؤال اللاهادف
إذا أردت إجابات أكثر، بعد كل إجابة قل لهم ”بعد“. وإذا كان أحد طلابك يحب أن يلتهم جميع الإجابات ، قل لهم ”أبغى مشاركات كثيرة، كل طالب يعطيني فكرة وحدة بس“.
أيضا، من الأمور اللي تساعدني في زيادة التفاعل مع السؤال اللاهادف هي الالتزام بمعايير أكاديمية عالية مثل عدم قبول إجابات من كلمة واحد مثل ”مجهول“ أو ”طرح“. في هذه الحالة أشجع الطالب على إكمال حله ”حلو، أعطيني جوابك في جملة كاملة” كما أني أرشد جميع الطلاب للتدرب على صياغة جمل كاملة “في هذا الصف، أنا لا أقبل الاجابة إذا كانت كلمة واحدة”.
فرصة تحفيز: السؤال اللاهادف له تأثير التسابق، فكل طالب يريد أن يثبت لك أنه يعرف. استغل هذه الفرصة لتظهر لهم أنك دائما تراقب نموهم—”شايفين، أنا كنت متأكد أنكم كفوو وتقدرون تتعلمون رياضيات“
**اذا ظل الطلاب مترددون عن الإجابة بعد المثال، ستحتاج إلى آلية أعمق من محتوى هذه النشرة
هل هذا يعني أن السؤال اللاهادف أفضل من السؤال الهادف دائما؟
السؤال اللاهادف يخدم السؤال الهادف؛ لأنه ينشط ذاكرة الطلاب، ويساعدهم على تثبيت المعلومات، ويتيح لك معرفة إذا ما كانت معلوماتهم كاملة لحل السؤال الهادف.
وبالتالي، ستتخذ قرار أنسب عند التعامل مع سؤال ”أوجد قيمة س“
هل أكلف الطلاب بالحل الفردي؟
هل أكلف الطلاب بالحل التعاوني؟
هل أعيد شرح المسألة بالكامل؟
السؤال اللاهادف لا يلغي فكرة السؤال الهادف، بل يزيد نسبة نجاح الطلاب في إتقانه.
لكن، من باب الأمانة العلمية، مهم أن أخبرك بحقيقة. وهي أن هناك أوقات يفضل فيها استخدام السؤال الهادف (السؤال عن شيء محدد) بدون أي مساعدات. أي أنك تصمم فعالية تعليمية يبذل فيها الطلاب جهدا كبير لاسترجاع المعلومات (بسبب تحليل الغاية والوسيلة).
والغرض من هذا شيئان:
- زيادة ثبات المعلومة في الذاكرة إذا بذل الطالب جهدا في استرجاعها
- زرع عقلية المثابرة، حيث يرى الطالب أن التعثر جزء من علمية التعلم
متى سؤال هادف؟ متى سؤال لاهادف؟
لا أستطيع إعطاءك خطة دقيقة للإجابة على هذا السؤال. هناك الكثير من العوامل في بيئة التعليم. لكن سأقدم لك هذا الملخص:
فكر في السؤال اللاهادف إذا أردت زيادة التفاعل وتخفيف المسألة، ولتتأكد من وجود المعلومات الأساسية. بالمقابل، فكر في السؤال الهادف إذا أردت تدريب الطلاب على إتقان مهارة معينة.
وصلنا إلى نهاية الطريق. أتمنى أن الرحلة كانت ممتعة. أراكم الأسبوع القادم.