أحد الأسئلة التي نفكر فيها نحن المعلمون باستمرار هو ”هل طلابي يتعلمون؟“
نحن نعلم أن التعلم يحدث داخل الدماغ. ولأننا لا نستطيع رؤية ما بداخله، فإننا نعتمد على ما يمكن ملاحظته.
هل طلابنا منتبهون؟ هل ينظرون لنا؟ هل هم متحمسون؟ هل يبدون سعداء؟ هل هم متفاعلون مع الأسئلة؟ هل هناك عدد كاف من الأيدي مرفوعة؟
كل ما سبق عبارة عن مؤشرات نتعمد عليها لقياس مدى تفاعل الطلاب.
ويبدو لي أن عملية القياس تحدث بشكل عفوي. نحن نستشعر الانتباه، نحن نستشعر الحماس، ونحن نستشعر عدد الأيدي المرفوعة. وهذا الاستشعار خفي، يحدث أثناء الشرح وبالتالي لا يرى الطلاب اهتمامنا بتفاعل الجميع (المنتبه منهم منشغل بالتفكير في الشرح).
أعتقد أن أحد أسرار دفع الطلاب للتفاعل هو إظهار اهتمامنا بتفاعلهم وذلك عن طريق إجراءات صفية تُلزم كل الطلاب بالمشاركة.
في نشرة هذا الأسبوع، سأخبرك كيف أطبق هذه الفكرة في أول لقاء لي مع الطلاب.
بناء روتين المشاركة من اليوم الأول
كما تجري العادة، في اللقاء الأول أرحب بالطلاب وأشكل انطباعا إيجابيا، أتعرف عليهم ويتعرفون على أنظمتي الصفية.
لا يوجد شيء مختلف عن العادة في محتوى الحصة. لكن طريقة التقديم تصنع فارقا كبيرا.
أنا لا أطلب من طلابي أن يعرفوا بأنفسهم، بل أكلف كل واحد بأن يعرف بزميل له.
هذه الفقرة هي بداية تدريبي لهم على روتين المشاركة الصفية الذي أسميه مشاركة الزميل
مشاركة الزميل هي طريقة للتفاعل مع الأسئلة فكرتها هي أن يطرح المعلم سؤالا ثم يكلف كل طالب أن يناقش أحد زملائه لمدة قصيرة قبل مشاركة الأفكار مع الجميع.
إليك تفاصيل فقرة التعارف.
عرفنا على زميلك
بعد الترحيب الموجز وإخبار الطلاب بأنني متحمس لتدريسهم، أعطيهم تعليمات فقرة عرفنا على زميلك.
”الآن في فقرة التعارف، لا أريدك أن تعرفني على نفسك، بل أن تعرفني على زميلك. تحديدا، أريدك أن تعلمني ٣ أشياء: اسمه، من أي منطقة، هوايته المفضلة“
عادة يبدأ بعض الطلاب الكلام في هذه اللحظة لكني أوقفهم مباشرة (لأننا سنرى فيما بعد أن فقرة مناقشة الزميل لها علامة محدد للبدء). أخبرهم أن ينتظروا حتى أحدد لكل واحد من هو زميله. لذلك أتجول وأحدد لكل شخص شريكًا وعندما أنتهي أطلب منهم أن يشيروا إلى شريكهم.
ثم أقول ”يللا يا شباب، لديكم دقيقة واحدة. ابدأوا“
بعد 30 ثانية، أخبرهم أن لديهم 30 ثانية متبقية. وعندما ينتهي الوقت، أصفق بيدي وأقول ”انتهى الوقت“
أشكرهم ثم أبدأ النشاط…
لاحظ ما يلي: تناقش الطلاب في أزواج، أعطيتهم مدة محددة، وفي النهاية أصفق وأقول ”انتهى الوقت“
هذه العلامات ستكون جزءا أساسيا من روتين مناقشة الزميل.
لنرى الآن كيف نعزز هذه العلامات.
لعبة ما هي الكذبة
بعد التعرف على الطلاب، أقدم نفسي، الاسم والمدينة وبعض أنشطتي المفضلة.
ثم أعلن أننا سنلعب لعبة.
أخبر طلابي أني معلم ومهندس وطبيب، عملت في كل هذه التخصصات. ثم أخبرهم أن في الجملة السابقة توجد كذبة واحدة، ويجب عليهم معرفتها.
هنا يشتعل حماس البعض وترتفع الأيدي لكني مباشرة أقول لهم ألا يخمنوا. أنا لم أشرح طريقة اللعبة بعد. (هذا مثال آخر على أن الأنشطة الصفية لها علامات بدء محددة وأن العشوائية غير مقبولة).
قوانين اللعب هي كالتالي:
كل طالبين لديهم فرصة أن يطرحوا سؤالا من خلاله يكتشفون الكذبة.
لكن يجب أن تكون أسئلة غير مباشرة (لا يمكنهم سؤالي عما إذا كنت قد درست الهندسة في الجامعة) ويجب أن تكون أسئلة إجابتها نعم-لا.
”لديكم ٤٠ ثانية، ابدأوا كتابة السؤال“
مباشرة أنظر حول الغرفة لأتأكد أن الجميع يتناقشون. وإذا كان بعض الطلاب خجولين أو مرتبكين أذهب وأقدم لهم المساعدة.
أصفق بيدي ”انتهى الوقت. شكرا لكم“
بعد ذلك نبدأ اللعبة…
مرة أخرى، لاحظ: تناقش الطلاب في أزواج، أعطيتهم مدة محددة، وفي النهاية صفقت وقلت ”انتهى الوقت“
تكرار هذه العلامات بنفس الطريقة مهم لكي يعتاد الطلاب على هذ الروتين.
الفقرة التالية هي شرح فكرة مناقشة الزميل بالتفصيل.
شرح فكرة مناقشة الزميل
بعد اكتشاف كذبة ”أنا لست طبيبًا“، أتحدث قليلًا عن سبب تركي للهندسة من أجل التعليم. أملي هو أن تلهمهم محبتي للتعليم ليصبحوا محبين للتعلم.
بعد هذه الفقرة ابدأ تعليم الطلاب فكرة مناقشة الزميل.
أشرح لهم بوضوح روتين المشاركة الذي تدربوا عليه مرتين. وأطلق عليه اسم ”ناقش زميلك“ وأخبرهم أنه كلما سمعوا هذه العبارة ذلك يعني أنني أتوقع منهم العمل في أزواج.
ناقش زميلك = ابدأ الآن
صفقة + انتهى الوقت = توقف
أشرح لهم أن النقاش يجب أن يكون حول السؤال المطروح، وليس فرصة للحديث الجانبي. كما أخبرهم أيضًا أنني سأتجول في الصف لأستمع إلى نقاشهم.
إذا كان حديثهم جانبيا، سأوبخهم
إذا كانوا عالقين، سأساعدهم
بعد هذا الشرح مباشرةً أسأل ”ما الفائدة من مناقشة الزميل؟“
دائمًا ما يرفع الطلاب أيديهم (فهم معتادون على رفع الأيدي بعد الأسئلة). لكني لا أستجيب لهذه الأيدي. بعد بضع ثوانٍ، أقول ”ناقش زميلك“
أفعل ذلك لأنني أريد تدريبهم على روتين المشاركة أكثر وأكثر.
الختام
في اليوم الأول، أطبق فكرة مناقشة الزميل على الأقل ٣ مرات. ثم أطبقها في اليوم الثاني والثالث وباقي أيام الدراسة لتصبح عادة عند الطلاب.
عادة تبين لكل طالب أن مشاركته تهمني.
هل طلابنا منتبهون؟ هل ينظرون لنا؟ هل هم متحمسون؟ هل يبدون سعداء؟ هل هم متفاعلون مع الأسئلة؟ هل هناك عدد كاف من الأيدي مرفوعة؟
كل هذه مؤشرات مفيدة. لكن مراقبتها لا تدفع الطلاب للتفاعل.
إذا أرتد تحصيل تفاعل عال، استخدم إجراءات صفية تلزم الجميع على المشاركة.
أراك الأسبوع القادم

