تخيل هذا الموقف.
معلم شغوف حنون مرح، لا يتمنى إلا الخير لطلابه.
طلابه يحبونه، لكن تصرفاتهم في الصف فوضوية.
• طالب يقاطع شرحه بأفكاره العفوية
• طالبان يتبادلان الحديث بين الحين والآخر
• طلاب يطلبون الذهاب لدورة المياه في كل حصة
المعلم ينزعج من هذه التصرفات ويريد الحد منها، لكنه يخشى أن يخسر علاقته الطيبه مع طلابه.
إذا كنت تعيش هذا الواقع، سأشاركك فكرة ساعدتني في تخطي هذه المشكلة.
بداية، يجب أن نتفق أن علاقتنا مع الطلاب لابد أن تكون مبنية على قوانين صفية توضح للجميع حدود التعامل (تفاصيل أكثر هنا وهنا). لذا أنا أفرض أنك تمتلك قوانين وأدوات للحفاظ على هذه القوانين. التحدي الذي يواجهك الآن هو كيفية تطبيق هذا النظام دون أن تخسر علاقتك بطلابك.
دعنا نرى كيف نعالج هذا التحدي.
أثناء دراستي في الجامعة وفي حصة الرياضيات تحديداً، دخل بروفسور المادة الأستاذ جوحاملاً معه أوراق الواجب من الأسبوع الماضي. وما إن وصل إلى طاولة المعلم في منتصف الصف حتى تحدث بنبرة ممزوجة بالغضب والإحباط.
خيبتم أملي … ٨٠٪ من الحلول منسوخة من الإنترنت … كيف اكتشفت ذلك؟ لأن طريقة الحل التي استخدمتموها لم نتطرق لها في الصف. ٨٠٪ من الحلول كلها تستخدم نفس الطريقة وبنفس الرموز الموجودة في الإنترنت. تصرف غير مقبول أبداً. أنتم طلاب في مرحلة الماجستير تدرسون الرياضيات، ومن أهم المهارات التي يجب أن تتعلموها في هذه المرحلة هي التفكير بشكل مستقل …
لماذا أخبرك بهذه القصة يا صديقي؟
لأنها هي التي كنت أفكر فيها عندما وجدت نفسي خائفاً من تطبيق قوانين الصف. كنت أتساءل …
ما الذي يمتلكه الأستاذ جو وأفتقر إليه أنا؟
لأن علاقتي به قوية، تواصلت معه … وفعلا كشف لي السر.
(المحادثة مترجمة باللغة العامية)
أ. جو: أهلا محمد. كيف حالك مع العمل الجديد؟
محمد: الحمد لله. التعليم ممتع. لكن عندي مشكلة في ضبط الصف. أحس أني ما أقدر أعصب على الطلاب. وهم يستغلون هذا الشي.
أ. جو: هههههه طبيعي شعورك. أنت جديد وتشوف أن الغضب أسلوب غير تربوي. بس أنت تشوفه كذا لأن عندك منظور خاطئ.
خليني أشرح لك. طلابك حاليا يحبوك وهذه المحبة تعطيك شعور حلو. ممكن يكون عندك قناعة أنه هذه المحبة تساعدهم على التعلم، بس لو تبحث في أعماقك راح تشوف أن محبة لها قيمة خاصة عندك.
أنت لما تخاف، تخاف تخسر هذه القيمة.
محمد: صحيح، أنا أحس أنه المحبة هذه تعطيني شعور حلو وصراحة ما ودي أخسره.
أ. جو: محمد إذا تبغى تتخلص من الفوضى في صفك، تحتاج تتخلص من هذه المحبة. بس في المقابل تقدر تكسب محبة من نوع آخر. وهذه المحبة أسمى وتدوم أكثر.
محمد أنت الآن معلم والمعلم في المجتمع قدوة. معناتها لما طلابك يشوفوك متساهل معاهم، أنت تعلمهم أن أفعالهم مقبولة. لما تسمح بالمقاطعات، معناتها أن المقاطعات مقبولة. لما تتغاضى عن الحديث الجانبي، الحديث الجانبي مباح.
عليك أنك تفكر من هذا المنظور.
وحط في بالك لما أنت تغضب، أنت ما تغضب على الطلاب. أنت تغضب من أجل الطلاب. غضبك يرشدهم. طبعا أنا أفرض أنك متحكم بهذا الغضب ومو عصبية مفرطة أو عقوبات غير مبررة…
لما تنظر للأمر من هذه الناحية راح تستوعب أن المحبة الحنية تقيدك من أنك تكون معلم عظيم وتضيع على طلابك فرصة أنهم يتعلمون من أخلاقك (اللي أنت تعلمتها من معلمين عظماء).
تذكر، أنت تغضب من أجل طلابك مو من أجل أنك أنت منزعج.
(نهاية المحادثة)
كانت هذه المحادثة بداية تجارب لحل صراح الحنية والحزم.
في السابق كنت أميل للأول، أما الآن قراراتي تصب في صالح الطلاب.
أدبهم وأخلاقهم أولى من حبهم لي.
هذه هي العقلية التي أردت مشاركتها إياك.
آمل أن تساعدك في مسيرتك التعليمية.
ألقاك الأسبوع القادم